التـواب الرحيـــم
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ{159}إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{160} البقرة * {أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}التوبة104 * {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }التوبة118{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }البقرة128 * {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }البقرة37 * {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }البقرة54 * {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً }النساء64، فهذا المثنى هو اسم من أسماء النسق الأول من الأسماء الحسنى.
إن توبة الله على عبده مترتبة على شعور هذا العبد وإحساسه الوجداني بالحياء والخوف والندم بعد ارتكابه المعصية، فالعبد الصالح تضيق عليه الأرض بما رحبت بما جناه على نفسه بل تضيق عليه نفسه، إذ يأخذ منه الندم كل مأخذ ويعرف عندها أن لا مفر من الله تعالى إلا إليه وأن الأمل في الخلاص من حالته تلك ومن آثار المعاصي ليس إلا عنده، فعند ذلك يتوب الله على عبده بمعنى أن ييسر له أسباب التوبة ويفتح له أبوابها، وكان لابد من كل تلك المشاعر والأحاسيس لتهيئ الإنسان لتقبل آثار توبة الله تعالى عليه ولكي ينتفع بها، وبذلك يمكن للعبد أن يتوب ويظهر بذلك الاسم التواب الرحيم، فالصفة الواحدة التي تفصيلها التوبة المقترنة بالرحمة بحيث تسبق التوبة الرحمة قد ظهرت وفصلت بكل ما حدث، وعرف الناس بذلك وعاينوا كمالا لله تعالى ما كان له أن يظهر إلا بما حدث ورأى الحق سبحانه كماله في مظاهر خارجية، أما بالنسبة إلي العبد التائب فتوبة الله عليه قادته إلى رحمة الله تعالى فأصبح بتوبته مرحوما فلم يتأثر بآثار معصيته أو خففت آثارها أو أبدل بها حسنة بمقدار ما اكتسبه بسببها من عبرة ومناعة وكمال وعلم.
ولقد كان هذا الاسم هو الذي تولى آدم عليه السلام وهو الاسم الذي لاذ به بعد أن عصى ربه وغوى، فلكل آدمي نصيبه من هذا الاسم، والمثنىالذي أوتيه آدم عليه السلام هو التواب الرحيم وقد ورد في تلك الآية: {فَتَلَقّىَ آدَمُ مِن رّبّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنّهُ هُوَ التّوّابُ الرّحِيمُ } ( البقرة: 37 )، لقد ندم آدم على ما بدر منه من معصية فألهمه الله تعالى أن يقول مع زوجه: {رَبّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ( الأعراف: 23 )، تلك الكلمات هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه، وهي اعتراف محض بالذنب وإقرار بأن رحمة الله تعالى ومغفرته هما سببا النجاة، فآدم عصى ربه كما أخبر الحق سبحانه، ولا ينبغي تكذيب ما أخبر الله تعالى به اعتذاراً عن آدم لما بدر منه ، فإن شرف آدم وعلوّ قدره إنما ظهرا بسبب ذنبه ، فهو لم يستكبر كإبليس بل ندم واستغفر وفرّ إلى ربه، فكان ذلك سبباً لاجتبائه وحبه، قال تعالى: {وَعَصَىَ ءَادَمُ رَبّهُ فَغَوَىَ * ثُمّ اجْتَبَاهُ رَبّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىَ} ( طه: 121 - 122 )، فبيَّن أن الاجتباء كان بعد المعصية، إذ بعدها أصبح آدم واعياً بالمسئولية الملقاة على عاتقه وبواجبه نحو ربه وبدأ استخلافه في الأرض، إن معصية آدم وتوبته كانتا سبباً في تجلّي المثنى التواب الرحيم وظهور آثاره، وتولى هذا المثنى المعبر عن التوبة المقترنة بالرحمة أمر آدم وبنيه من بعده ، فكل بني آدم لهم حظهم من تجلي هذا المثنى.
المراجع (من كتب المؤلف أ. د. حسني أحمد):
1- الأسماء الحسنى والسبع المثاني، 2002.
2- الأسماء الحسنى في القرآن العظيم (قراءة جديدة)، دار النهار، 2002.
3- الإحصاء العلمي للأسماء الحسني، دار النهار، 2003.
4- المقاصد العظمي في القرآن الكريم، دار الأستاذ، 2004.
5- نظرات جديدة في الحقائق والأصول، 2005.
6- نظرات جديدة في المصطلحات، 2005.
7- المقصد الديني الأول، 2006.
8- الأسس النظرية لدين الحق، 2006.
9- نظرات إضافية في المصطلحات، 2007.
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ{159}إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ{160} البقرة * {أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}التوبة104 * {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }التوبة118{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }البقرة128 * {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }البقرة37 * {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }البقرة54 * {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً }النساء64، فهذا المثنى هو اسم من أسماء النسق الأول من الأسماء الحسنى.
إن توبة الله على عبده مترتبة على شعور هذا العبد وإحساسه الوجداني بالحياء والخوف والندم بعد ارتكابه المعصية، فالعبد الصالح تضيق عليه الأرض بما رحبت بما جناه على نفسه بل تضيق عليه نفسه، إذ يأخذ منه الندم كل مأخذ ويعرف عندها أن لا مفر من الله تعالى إلا إليه وأن الأمل في الخلاص من حالته تلك ومن آثار المعاصي ليس إلا عنده، فعند ذلك يتوب الله على عبده بمعنى أن ييسر له أسباب التوبة ويفتح له أبوابها، وكان لابد من كل تلك المشاعر والأحاسيس لتهيئ الإنسان لتقبل آثار توبة الله تعالى عليه ولكي ينتفع بها، وبذلك يمكن للعبد أن يتوب ويظهر بذلك الاسم التواب الرحيم، فالصفة الواحدة التي تفصيلها التوبة المقترنة بالرحمة بحيث تسبق التوبة الرحمة قد ظهرت وفصلت بكل ما حدث، وعرف الناس بذلك وعاينوا كمالا لله تعالى ما كان له أن يظهر إلا بما حدث ورأى الحق سبحانه كماله في مظاهر خارجية، أما بالنسبة إلي العبد التائب فتوبة الله عليه قادته إلى رحمة الله تعالى فأصبح بتوبته مرحوما فلم يتأثر بآثار معصيته أو خففت آثارها أو أبدل بها حسنة بمقدار ما اكتسبه بسببها من عبرة ومناعة وكمال وعلم.
ولقد كان هذا الاسم هو الذي تولى آدم عليه السلام وهو الاسم الذي لاذ به بعد أن عصى ربه وغوى، فلكل آدمي نصيبه من هذا الاسم، والمثنىالذي أوتيه آدم عليه السلام هو التواب الرحيم وقد ورد في تلك الآية: {فَتَلَقّىَ آدَمُ مِن رّبّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنّهُ هُوَ التّوّابُ الرّحِيمُ } ( البقرة: 37 )، لقد ندم آدم على ما بدر منه من معصية فألهمه الله تعالى أن يقول مع زوجه: {رَبّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ( الأعراف: 23 )، تلك الكلمات هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه، وهي اعتراف محض بالذنب وإقرار بأن رحمة الله تعالى ومغفرته هما سببا النجاة، فآدم عصى ربه كما أخبر الحق سبحانه، ولا ينبغي تكذيب ما أخبر الله تعالى به اعتذاراً عن آدم لما بدر منه ، فإن شرف آدم وعلوّ قدره إنما ظهرا بسبب ذنبه ، فهو لم يستكبر كإبليس بل ندم واستغفر وفرّ إلى ربه، فكان ذلك سبباً لاجتبائه وحبه، قال تعالى: {وَعَصَىَ ءَادَمُ رَبّهُ فَغَوَىَ * ثُمّ اجْتَبَاهُ رَبّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىَ} ( طه: 121 - 122 )، فبيَّن أن الاجتباء كان بعد المعصية، إذ بعدها أصبح آدم واعياً بالمسئولية الملقاة على عاتقه وبواجبه نحو ربه وبدأ استخلافه في الأرض، إن معصية آدم وتوبته كانتا سبباً في تجلّي المثنى التواب الرحيم وظهور آثاره، وتولى هذا المثنى المعبر عن التوبة المقترنة بالرحمة أمر آدم وبنيه من بعده ، فكل بني آدم لهم حظهم من تجلي هذا المثنى.
المراجع (من كتب المؤلف أ. د. حسني أحمد):
1- الأسماء الحسنى والسبع المثاني، 2002.
2- الأسماء الحسنى في القرآن العظيم (قراءة جديدة)، دار النهار، 2002.
3- الإحصاء العلمي للأسماء الحسني، دار النهار، 2003.
4- المقاصد العظمي في القرآن الكريم، دار الأستاذ، 2004.
5- نظرات جديدة في الحقائق والأصول، 2005.
6- نظرات جديدة في المصطلحات، 2005.
7- المقصد الديني الأول، 2006.
8- الأسس النظرية لدين الحق، 2006.
9- نظرات إضافية في المصطلحات، 2007.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق