الملك القدُّوس العزيز الحكيم
قال تعالى: { يُسَبّحُ لِلّهِ مَا فِي السّمَـوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ الْمَلِكِ الْقُدّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }، (الجمعة: 1).
فالاسم (الملك القدوس العزيز الحكيم) هو بذلك من أسماء النسق الأول من الأسماء الحسنى، وهو اسم واحد يشير إلى سمة واحدة تفصيلها تلك السمات الأربع التي يفضي كل سابق منها إلى اللاحق ويفضي آخرها إلى أولها في شكل حلقة إلهية محكمة تحيط بكل مملكته، فهو ملك لأن له كل شيء في هذا الوجود وله حق التصرف فيه، وله في مملكته الأمر والنهي والتشريع والتدبير والتفصيل، كما أنه هو القاهر فوق عباده وله الحكم علي كل شيء وفي كل أمر، ولكنه ليس كمثله ملك، إذ هو المقدس في ملكه هذا عن كل ما يظهر فيه من تجليات وآلاء فهي تشير إليه وتدلّ عليه، ولكنها لا ترقى أبداً إليه وإن كانت كلها تستند إليه، وهو بالأحرى منزَّه عن كل ما هو لخلقه، وعن كل تصوراتهم له وعما يجول في خواطرهم نحوه وعما يسبغونه من صفات عليه، وهو المقدس عن كل ما يجري في مملكته مما هو مترتب على النقص الذاتي الذي لدى الناس، فالشر ليس إليه، ذلك لأنه مقتضي ما تتسم به الكائنات من صبغة عدمية هي من أخص خصائصهم الذاتية، أمَّا الخير فلديه دائماً ما هو خير منه، ولديه دائماً المزيد، كما أنه أعلى من كل ما يتجلَّى به من كمالات، والله خير وأبقى، ولذا فهو العزيز الذي ليس كمثله شيء ولا مطمع لأحد في الإحاطة به أو إدراك كنهه أو الوصول إلى مقامه، فالساعي إليه يسعى على طريق لا نهائي يبقى أمامه دائماً بقدر ما ترك وراءه، مع أنه قد يسبق غيره بما لا يتناهى من درجات، ولذلك يسبِّح له ما في السموات وما في الأرض تسبيحاً ذاتياً، حتى من تمرَّد على أوامره التكليفية، فإن ذلك التمرد لا يعنى أكثر من التخبُّط الموضعي المحلى، ولذا فإن التيار العام يجرفه إليه، فالأرض بكل من عليها تسعى طوعاً إليه، ولقد اقتضت عزته أن يتوجه الكل إليه بالعبادة، ولكنه بحكمته لا يكلفهم إلا بما هو في وسعهم، ولا يطالبهم إلا بما هو في قدرتهم، وقد اقتضى ذلك أن يتولى ذلك الاسم بعث الرسل بالدين الذي بأوامره الحكيمة يبلغ بكل فرد إلى كماله المنشود، وإرسال الرسل بالتعليمات والأوامر هو من فعل الملك مع رعيته وبذلك اكتملت الحلقة الإلهية، فبحكمته يدبر أمر مملكته.
فذلك الاسم هو الذي يقتضي أن يسبِّح له ما في السموات وما في الأرض، وهو الذي أجاب دعوة إبراهيم عليه السلام وبعث في الأميِّين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم، وزاد عليهم بأن علمهم الكتاب والحكمة كما علمهم ما لم يكونوا يعلمون، فتعلموا بذلك كيف يقدِّسون الله ويمجدونه، وكيف يكونون خلفاءه في الأرض، وكيف يحملون رسالته إلى البشر أجمعين .
وهذا الاسم يقتضي أن يُقرَّ الإنسان لربه أن الملك ملكه، فلا يحاول أن ينازعه فيه أو أن يشرك معه غيره، كما يحاول أن يلتزم بشرعه وأن يثني عليه بقدر استطاعته بما هو أهله، كما يقتضي أن يتحلَّى الإنسان بالطهارة والعزة والحكمة، وأن يتجنب كل ما يجلب عليه النقمة، فإن عزته سبحانه تقتضي تعذيب من يخالفه، كذلك عليه أن يوقِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث أنه مرسل من لدن من له الملك المطلق، وأن يتأسى بهديه، وأن يتمسَّك بسنته من حيث أنه معلِّم الناس كتاب ربه، تالٍ لآياته، ومزَكٍّ لأنفس عباده.
المراجع (من كتب المؤلف أ. د. حسني أحمد):
1- الأسماء الحسنى والسبع المثاني، 2002.
2- الأسماء الحسنى في القرآن العظيم (قراءة جديدة)، دار النهار، 2002.
3- الإحصاء العلمي للأسماء الحسني، دار النهار، 2003.
4- المقاصد العظمي في القرآن الكريم، دار الأستاذ، 2004.
5- المقصد الديني الأول، 2006.
قال تعالى: { يُسَبّحُ لِلّهِ مَا فِي السّمَـوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ الْمَلِكِ الْقُدّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }، (الجمعة: 1).
فالاسم (الملك القدوس العزيز الحكيم) هو بذلك من أسماء النسق الأول من الأسماء الحسنى، وهو اسم واحد يشير إلى سمة واحدة تفصيلها تلك السمات الأربع التي يفضي كل سابق منها إلى اللاحق ويفضي آخرها إلى أولها في شكل حلقة إلهية محكمة تحيط بكل مملكته، فهو ملك لأن له كل شيء في هذا الوجود وله حق التصرف فيه، وله في مملكته الأمر والنهي والتشريع والتدبير والتفصيل، كما أنه هو القاهر فوق عباده وله الحكم علي كل شيء وفي كل أمر، ولكنه ليس كمثله ملك، إذ هو المقدس في ملكه هذا عن كل ما يظهر فيه من تجليات وآلاء فهي تشير إليه وتدلّ عليه، ولكنها لا ترقى أبداً إليه وإن كانت كلها تستند إليه، وهو بالأحرى منزَّه عن كل ما هو لخلقه، وعن كل تصوراتهم له وعما يجول في خواطرهم نحوه وعما يسبغونه من صفات عليه، وهو المقدس عن كل ما يجري في مملكته مما هو مترتب على النقص الذاتي الذي لدى الناس، فالشر ليس إليه، ذلك لأنه مقتضي ما تتسم به الكائنات من صبغة عدمية هي من أخص خصائصهم الذاتية، أمَّا الخير فلديه دائماً ما هو خير منه، ولديه دائماً المزيد، كما أنه أعلى من كل ما يتجلَّى به من كمالات، والله خير وأبقى، ولذا فهو العزيز الذي ليس كمثله شيء ولا مطمع لأحد في الإحاطة به أو إدراك كنهه أو الوصول إلى مقامه، فالساعي إليه يسعى على طريق لا نهائي يبقى أمامه دائماً بقدر ما ترك وراءه، مع أنه قد يسبق غيره بما لا يتناهى من درجات، ولذلك يسبِّح له ما في السموات وما في الأرض تسبيحاً ذاتياً، حتى من تمرَّد على أوامره التكليفية، فإن ذلك التمرد لا يعنى أكثر من التخبُّط الموضعي المحلى، ولذا فإن التيار العام يجرفه إليه، فالأرض بكل من عليها تسعى طوعاً إليه، ولقد اقتضت عزته أن يتوجه الكل إليه بالعبادة، ولكنه بحكمته لا يكلفهم إلا بما هو في وسعهم، ولا يطالبهم إلا بما هو في قدرتهم، وقد اقتضى ذلك أن يتولى ذلك الاسم بعث الرسل بالدين الذي بأوامره الحكيمة يبلغ بكل فرد إلى كماله المنشود، وإرسال الرسل بالتعليمات والأوامر هو من فعل الملك مع رعيته وبذلك اكتملت الحلقة الإلهية، فبحكمته يدبر أمر مملكته.
فذلك الاسم هو الذي يقتضي أن يسبِّح له ما في السموات وما في الأرض، وهو الذي أجاب دعوة إبراهيم عليه السلام وبعث في الأميِّين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم، وزاد عليهم بأن علمهم الكتاب والحكمة كما علمهم ما لم يكونوا يعلمون، فتعلموا بذلك كيف يقدِّسون الله ويمجدونه، وكيف يكونون خلفاءه في الأرض، وكيف يحملون رسالته إلى البشر أجمعين .
وهذا الاسم يقتضي أن يُقرَّ الإنسان لربه أن الملك ملكه، فلا يحاول أن ينازعه فيه أو أن يشرك معه غيره، كما يحاول أن يلتزم بشرعه وأن يثني عليه بقدر استطاعته بما هو أهله، كما يقتضي أن يتحلَّى الإنسان بالطهارة والعزة والحكمة، وأن يتجنب كل ما يجلب عليه النقمة، فإن عزته سبحانه تقتضي تعذيب من يخالفه، كذلك عليه أن يوقِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث أنه مرسل من لدن من له الملك المطلق، وأن يتأسى بهديه، وأن يتمسَّك بسنته من حيث أنه معلِّم الناس كتاب ربه، تالٍ لآياته، ومزَكٍّ لأنفس عباده.
المراجع (من كتب المؤلف أ. د. حسني أحمد):
1- الأسماء الحسنى والسبع المثاني، 2002.
2- الأسماء الحسنى في القرآن العظيم (قراءة جديدة)، دار النهار، 2002.
3- الإحصاء العلمي للأسماء الحسني، دار النهار، 2003.
4- المقاصد العظمي في القرآن الكريم، دار الأستاذ، 2004.
5- المقصد الديني الأول، 2006.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق