الاثنين، 15 يونيو 2009

من أسماء الله الحسنى: القديـر

من أسماء الله الحسنى: القديـر
القَدِيـر، القَـادِر
قال تعالى:
{يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }البقرة20 * {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }البقرة106 * {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }البقرة109 * {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }البقرة148 * فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }البقرة259 * {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }آل عمران165 * {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }النور45 * {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }العنكبوت20 * {وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }النحل77 * {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }فاطر1 * {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً }الطلاق12 * {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }آل عمران26 * {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }التحريم8 * {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }الحج6 * {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }فصلت39 * {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }الأحقاف33 * {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ }الحج39
{لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }البقرة284 * {قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }آل عمران29 * {وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }آل عمران189 * {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }المائدة17 * {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }المائدة19 * {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }المائدة40 * {إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }التوبة39 * {وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }الحشر6 * {لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }المائدة120 * {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ }الأنعام17 * {إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }هود4 * {فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }الروم50 * {أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }الشورى9 * {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }الحديد2 * {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }الملك1 * {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }التغابن1 * {عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }الممتحنة7 * {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ }الشورى29 * {إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيراً }النساء133 * {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً }الفرقان54
{وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللّهَ قَادِرٌ عَلَى أَن يُنَزِّلٍ آيَةً وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }الأنعام37 * {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ }الأنعام65 * {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ }الطارق8.

فهذا الاسم هو من أسماء النسق الأول من الأسماء الحسنى، وهو بذلك أيضاً من نسق الأسماء الحسنى المفردة.
إن الله سبحانه على كل شيء قدير، أي أنه قادر على تحقيق وإنجاز كل ما اقتضته مشيئته أي جماع قوانينه وسننه التي هي مقتضيات أسمائه أي مقتضيات حسنه المطلق الذي هو عين ماهيته، والشيء هو ما نتج عن ممارسته الفعل المسمى بالمشيئة، أي هو ما نتج عن سريان سننه في عالم من العوالم، لذلك لا ينبغي لأحد أن يفترض ما يشاء ثم يسأل هل هو سبحانه قادر على فعله أم لا، فربما كان ما جوَّزه هذا من أشياء ورآه هيناً هو في الحقيقة مستحيل لأنه يخالف مقتضيات المشيئة، ولا يجوز التلاعب باللغة أو بالألفاظ هاهنا، بل ينبغي التأدب مع الحق سبحانه، وهو العليم بنفسه، فإذا ما قال إنه سبحانه علي كل شيء قدير فينبغي الالتزام بما وصف به نفسه ولا ينبغي أن يجوز عليه فعل ما لم يخبر به كما فعل المغضوب عليهم والضالون من أهل الكتاب ومن اتبع سننهم من المتكلمين المحسوبين على المسلمين.
والقدير هو الذي له التمكن والاستطاعة اللازمة لكي يحقق الأشياء ويفعل بها ما يريده منها، وكذلك لكي يدير عجلة الأمور وفق إرادته الذاتية ولكي ينقل الأمور من عدم إلى وجود ومن باطن إلى ظاهر.
وهو القدير على كل شيء بمعنى أنه القادر على تحقيق ما اقتضته قوانينه وسننه التي هي مقتضيات منظومة أسمائه التي لا تضاد فيها ولا تقابل ولا اختلاف، فمجال قدرته هو الأشياء وليس ذاته أو سماته، وكذلك فإن مجال قدرته ليس الأمور المضادة لمشيئته وليس ما يريده الناس فقد يريدون ما هو مضاد لمشيئته أو قد يريدون شيئا يتعلق بذاته أو أسمائه كأولئك الذين يريدون له أن يتخذ ولدا، فليست ذاته ولا سماته بمجالات لقدرته، لذلك لا ينبغي أن يقال إنه قادر على أن يجعل من نفسه أبا أو أن يتخذ صاحبة أو أن يتبنى أحدا أو أن ينزل ليصلبه اليهود ليفتدى عباده بنفسه من خطأ ارتكبه أحد خلقه.
------------
إن منظومة أسمائه تقتضى ماهية محكمة بحيث أنه عند تفصيلها تظهر سمات تستمد أصولها من الكمالات الإلهية ومنها العلم والقدرة مثلا، وقد تظل تلك الماهية ككيان أمري، وقد تقتضى السنن أن تظهر تلك الماهية بأن تقترن بما يلائمها من المواد، أو بأن تصاغ المواد اللازمة لتمثل تلك الماهية وتبرزها وتحققها، فمن السمات الإلهية اللازمة لإنجاز ذلك القدرة، أما الكائن الناتج فيكون من آلات إظهار وتفصيل تلك القدرة بما لديه هو من قدرة محدودة مقيدة بمرتبته وبما أنه هو ذاته خاضع لتلك القدرة.
وقدرته سبحانه واجبة لانهائية مطلقة؛ فهو القادر على تحقيق كل ما يريد وما يشاء وليس لأحد أن يطالبه بتحقيق ما لم يكن من مجالات إرادته أو مشيئته فإن لم يفعل رماه بالعجز مثلا، ذلك لأن القدرة هي سمة واحدة من السمات التي تشير إليها منظومة أسمائه الحسنى ولا ينبغي أبدا الحديث عن سمة بمعزل عن تلك المنظومة، وقد يقترح الإنسان على ربه أمرا يظنه هينا ويطالبه بتحقيقه مع أنه يكون مستحيلا لأن منظومة القوانين والسنن قد اقتضت أمراً غيره هو أصلح لتحقيق الغاية من هذا الوجود وكان الأمران متنافيين، فمن المعلوم أن ثمة أشياء كثيرة متنافية متمانعة بحيث أن ظهور أحدها يقتضى بطون الآخر، فلا يصح مثلا أن يلقى الإنسان بقطعة نرد واحدة ثم يطالب ربه بإظهار رقمين في نفس الوقت فإن ظهور الواحد مثلا يتنافى مع ظهور أي رقم آخر، وليس من حقه أن يطالبه بإظهار رقم ليس بمرقوم أصلاً على أي وجه من الوجوه كالرقم تسعة مثلا، واختيار الحق لشيء ما ليحققه يتضمن قدرته على تدبير الأمر وتصريف الآيات وتهيئة الأحداث والوقائع ليتم تحققه.
والقدرة تختلف عن القوة، فالقدرة هي السمة التي يحقق بها ما نتج عن مشيئته وما صدر عنه من أقضية وأحكام وما أراده من أشياء، أما القوة فهي السمة التي بها يَغلِب علي أمره ويفرض إرادته ويتغلب علي كل الكائنات الأخرى ويوصل إليها ما هو لازم لها مما اقتضته قوانينه وسننه.
ولقد زعم المتكلمون أن القدرة إنما هي على إيجاد كل ما يتصور العقل السليم إيجاده، وهذا ليس بتعريف إذ أنهم أعجز من أن يُعرِّفوا هذا العقل السليم بطريقة جامعة مانعة تظل صحيحة على مدى العصور، أما الحق فهو ما ذكره القرآن وهو أن القدرة إنما تكون على الأشياء وهى كل ما تألف أو تعين كمقتضى من مقتضيات سريان القوانين التي اقتضتها الأسماء الحسنى في كون من الأكوان، والشيء هو بالأصالة كيان أمري ولابد من أن تتعلق به الإرادة لتهيئه للتحقق في حالة صدور القول الإلهي أو الأمر (كن).
فمجال القدرة هو الأشياء، والأشياء هي نواتج المشيئة، والمشيئة هي جماع مقتضيات منظومة الأسماء الحسنى، وتلك المنظومة تقتضى ما هو لازم لتحقيق المقاصد الإلهية من خلق الأكوان وهى تمثل وتظهر تلك المنظومة الظهور الملائم لطبيعة العالم الذي لا يمكن أن يستوعب الظهور المطلق للكمالات الإلهية، لكل ذلك فلا مجال لسؤال مثل هل يستطيع الإله أن يخلق إلهاً مثله لأن الكمال اللانهائي المطلق لا يمكن أن يتعدد ولا يمكن أيضا أن تتعدد المنظومة الأسمائية الكاملة التامة ولا يمكن أن يكون العالم محكوما بنسقين مختلفين من القوانين، ولا يمكن أن يكون الإله الذي هو الخالق المطلق أي خالق كل شيء مخلوقا، فذلك هو المستحيل بعينه الذي لا يمكن أن تتعلق به قدرة، وبالمثل لا يمكن أن ينفصل شيء عمن هو الصمد المطلق ولا يمكن له أن ينقسم، فمنظومة الأسماء الحسنى التي سمي بها نفسه تنفى بذاتها وجود شريك أو صاحبة أو ولد له.
والرمز يشير إلي أن السمات الكاملة اللانهائية المطلقة تستلزم مجالات خارجية لإتمام ظهورها وتفصيلها وإلي أن ذلك مستمر إلي ما لا نهاية.
------------
إن مجال القدرة الإلهية هو الأشياء، والشيء هو كيان أمري اقتضته المشيئة الإلهية التي هي جماع السنن التي هي مقتضيات المنظومة الكلية للأسماء الحسني، والله سبحانه إذا أراد تحقيق شيء يصدر عنه فعل تأثيري مثل القول كن أو أي فعل تأثيري آخر فيتحقق الشيء بقدرته عليه، وهذا يعني صياغة وتقدير كيان خلقي يكون تجسيدا وتحقيقا لهذا الشيء، واقتضاء السنن لحقيقة ما هو أمر فوق طور التصورات الإنسانية، فكم من أمر يظنه الإنسان مستحيلا وهو هين عند الله عزَّ وجلَّ، وكم من أمر يظنه هينا وهو عظيم بل مستحيل، فمن المستحيلات مثلاً أن يوجد إنسان ما في ظروف وأحوال غير تلك التي وجد فيها أو علي غير الصورة التي خلق عليها.
------------
إن مجال القدرة هو الأشياء، والشيء هو ما نتج عن ممارسة المشيئة، وما ينتج عنها هو كيانات خلقية أو أمرية، ويشمل ذلك الكائنات والوقائع والماهيات .. الخ، فهو قادر على الكائنات وقادر على تحقيق الوقائع وقادر على إنفاذ كل ما اقتضته مشيئته، أما مسألة إيجاد الكائنات من العدم فهي أمر آخر، ولكن يجب القول بأن العدم ليس بمادة للوجود أي ليس بمادة تصنع منها الأشياء بيد أن كل كائنات عالم الشهادة مخلوقة من مادةٍ ما أبدعها إبداعاً ولما كان له الوجود المطلق وقد كان ولا شيء معه فلابد أن يكون مجموع كل ما هو دونه هو العدم المحض، وهو سبحانه ليس بمادة للوجود، ولذا كان لابد من أن تكون كل المواد إعادة صياغة بطريقةٍ ما للعدم المطلق، أي أن مجموعها الكلي هو الصفر المطلق، فيمكن القول بأن الأشياء مسبوقة لا محالة من حيث هي بالعدم.
وسماته ليست مجالاً لقدرته وكذلك المقتضيات المباشرة لتلك السمات من كلمات وأمور وتقديرات، لذلك لا يجوز إلقاء أسئلة من نوع هل هو سبحانه قادر علي تغيير سماته أو هل هو قادر علي أن يبعث نبيا بعد ختم النبوة؟ أو هل هو قادر علي خلق عالم أفضل من هذا العالم؟ ذلك لأن مجال القدرة هو الأشياء، أي أن مجال القدرة هو ما شاءه، وما شاءه هو من مقتضيات منظومة أسمائه الحسني كلها ومنها تلك التي تشير إلي سمة القدرة، وسماته متسقة اتساقا تاماً لأنها لوازم ماهية واحدة، فقدرته تعمل باتساق مع كافة سماته العليا، وما هو جائز في حق الإنسان ليس كذلك بالضرورة بالنسبة إلي الله سبحانه لأنه ليس كمثله شيء.

القـوة والقـدرة
إن القوة هي السمة أو السمة أو الخاصية التي تمكن الكائن من التغلب على الكائنات الأخرى وإخضاعهم لإرادته وقهرهم عند اللزوم، أما القدرة فهي أشمل من ذلك فهي السمة أو السمة التي بها يتمكن الكائن من تحقيق وإنجاز ما يشاء أو ما يريد ومن ذلك أيضا التغلب على الآخرين، فهي أعم من القوة.
فالقوة هي السمة التي لدي الكيان والتي بها يستطيع التغلب علي مقاومة الكيانات الأخرى وتحقيق ما يريده بخصوصهم.
أما القدرة فهي السمة التي بها يحقق ما يشاء، فممارسة المشيئة يترتب عليها أشياء، فتحقيق تلك الأشياء كما يليق بها وفي عالمها المعتبر هو أمر من أمور القدرة ومجالاتها.

المراجع (كتب المؤلف أ. د. حسني أحمد):
1- الأسماء الحسنى والسبع المثاني، 2002.
2- الأسماء الحسنى في القرآن العظيم (قراءة جديدة)، دار النهار، 2002.
3- الإحصاء العلمي للأسماء الحسني، دار النهار، 2003.
4- المقاصد العظمي في القرآن الكريم، دار الأستاذ، 2004.
5- نظرات جديدة في الحقائق والأصول، 2005.
6- نظرات جديدة في المصطلحات، 2005.
7- نظرات جديدة في الآيات، 2006.
8- من هدي الآيات، 2006.
9- المقصد الديني الأول، 2006.
10- الأسس النظرية لدين الحق، 2006.
11- نظرات إضافية في المصطلحات، 2007.
12- نظرات عامة جديدة، 2007.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق