من الأسماء الحسنى2
البـر، الجبار، الرءوف العفو، الغالب، القدوس، القوي.
البـر
هذا الاسم لم يرد بمفرده وإنما ورد للإشارة إلي سمة يمكن أن يفصل إليها المثني البر الرحيم، قال تعالى: {إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ }الطور28.
فهذا الاسم من لوازم وتفاصيل أسماء النسق الأول، فهو بذلك من أسماء النسق الثاني.
هذا الاسم من تجليات الرحمة الخالصة والإنعام الخالص، وأولى الناس به هم المتقون الأبرار الذين وطَّـنوا أنفسهم على الإحساس الدائم بالحضور الإلهي معهم بالأسماء الحسنى؛ فهؤلاء هم الذين يجدون أنفسهم عنده في الدنيا والآخرة، وللقيام بحق هذا الاسم يجب أن يكون الإنسان بارّاً بمعنى أن يتصف بالبر كما بينه القرآن.
وهذا الاسم من أسماء منظومة الرحمة والهدي التي اقتضت كل ما يلزم لصلاح الإنسان من قيم وأوامر وسنن، وسمة البر مقترنة ومرتبطة بالرحمة، والظهور الأكمل لهذا الاسم سيكون للمؤمنين في الجنة.
والرمز (بر) يشير إلي أن منه سبحانه بدأ كل خير وإنعام وود وحنان وانتقل كل كيان خلقي أو أمري من باطن إلي ظاهر، والراء المشددة إشارة إلي تتابع كل ذلك وتكراره، وهو يشير أيضاً إلى أن إليه مرجع ومآب كل من لاذ به من الأبرار.
------------
الجبـار
هذا الاسم لم يرد بمفرده وإنما ورد للإشارة إلي سمة يمكن أن تفصل إليها الحلقة الإلهية: "الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ"، قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ }الحشر23.
فهذا الاسم من لوازم وتفاصيل اسم من أسماء النسق الأول، فهو بذلك من أسماء النسق الثاني.
لما كان هو العزيز الذي له السطوة والهيبة والمنعة كان هو الجبار الذي تنفذ فيهم مشيئته بضرب من القهر والعلو والسيطرة والسطوة، وبذلك ينصلح حالهم ويجبر كسرهم ويداوي نقصهم، ولكنه أيضاً شديد البطش عظيم السطوة هائل القوة، فمن استعصى على الإصلاح بالحسنى قد يأخذه بالشدة ومن لم ينصلح حاله في الدنيا سيداويه بعذاب النار في الآخرة، ولن يفلت ظالم من أخذه الأليم.
ومن حيث الرمز فإن الجيم تشير إلي سمات الجلال والسطوة والاقتدار وتتضمن الإشارة إلي أن تلك السمات هي خير دائم وأن لها البقاء المطلق، أما الباء فتشير إلي مجال عملها من الكيانات والكائنات المدينة لها بكل شيء والخاضعة لها، والراء إشارة إلي تتابع وتكرار ظهور آثار السمات المشار إليها.
وهذا الاسم من الأسماء التي تقتضي من الإنسان أن يتقي ربه وأن يعظم قدره.
------------
الرءوف
هذا الاسم لم يرد بمفرده وإنما ورد للإشارة إلي سمة يمكن أن يفصل إليها المثني الرءوف الرحيم، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }البقرة143 * {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }الحج65 * {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }الحديد9 * {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }النحل7 * {َفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ{45} أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ{46} أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرؤُوفٌ رَّحِيمٌ{47} النحل * {لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }التوبة117 * {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }الحشر10 * {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ }النور20.
فهذا الاسم من لوازم وتفاصيل اسم من أسماء النسق الأول، فهو بذلك من أسماء النسق الثاني.
والرأفة سمة محكمة تتضمن الشفقة والعطف واللطف والرفق والإغضاء، وتلك السمة من السمات التي اقتضت أن تكون العلة الغائية لهذا العالم المادي حفظ وبقاء النوع الإنساني والسماح له بالتطور والرقى إلى كماله المادي والمعنوي والظاهري والباطني، وهذا يعنى أنه إذا انتهت حاجة الإنسان إلى هذا العالم المادي فلا بد من انقضائه وطيه كما تطوى الكتب، وتلك السمة هي من السمات التي اقتضت توافق الإنسان مع بيئته، واقتضت بناء هذا العالم وفق قوانين وسنن تكفل بقاء الإنسان.
وهذا الاسم من أسماء منظومة الرحمة والهدي، ولذلك اتصف بها لوازم ومظاهر تلك المنظومة من المرسلين وكان أكمل من اتصف بها إمام المرسلين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
------------
العفـوّ
قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ }الحج60 * {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ }المجادلة2 * {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً }النساء43 * {فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوّاً غَفُوراً }النساء99
{إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً }النساء149،
فهذا الاسم لم يرد بمفرده وإنما هو من لوازم وتفاصيل المثنى العفو الغفور والمثنى العفو القدير، فهو بذلك من أسماء النسق الثاني.
ويشير هذا الاسم إلي سمة واحدة بها يتجاوز الله تعالى عن ذنب عبده ويمحوه ويزيل ما ترتب عليه من آثار، فلكل ذنب آثاره التي ترتد على فاعله وأخطرها ما يسبب ظلمة ورينا على وجه القلب، ومن علامات جودة استعداد الإنسان أن يتقبل آثار هذا الاسم فينسي ذنبه، ويذهب من نفسه أي تعلق به وألا يتبقَّى من آثاره إلا الدروس المستفادة منه والدفعة التي تلقاها الإنسان للسير قدماً في الطريق القويم.
وهذا الاسم يقتضى من الإنسان أن يتحلَّى بالصفة التي يشير إليها؛ فيعفو ويصفح الصفح الجميل ويتجاوز عمَّن أساء إليه أو أخطأ في حقه، وألا يذكر لهذا الإنسان إساءته طالما اعتذر عنها ولمس منه العزم على عدم تكرارها.
وكون سمة العفو من تفاصيل المثنى العفو القدير إشارة إلى أن العفو إنما يكون عند المقدرة، فلا معنى للعفو إلا عند التمكن والاستطاعة.
------------
الغالـــب
قال تعالى: {وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }يوسف21 * {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }المجادلة21
فهذا الاسم بذلك من أسماء النسق الثاني.
الغالـب هو من له القدرة على إنفاذ ما اقتضته مشيئته وما تعلقت به إرادته وعلى إلزام الآخرين بقوانينه وسننه وإخضاعهم لمشيئته وعلى عقاب المسيئين والقصاص من الظلمة المجرمين، وله كذلك القدرة علي إنفاذ أحكامه وأقضيته علي مخلوقاته، فكل كيان أمري قدره أو اقتضاه أو ترتب علي فعلٍ من أفعاله لابد من تحققه وبلوغه المراد منه.
والرمز يشير إلي غلبته علي كل من تصور أنه يمكن أن يطاوله وإلي أن تلك الغلبة بالغة مداها وواصلة إلي مجالها وسيكون لها أثرها اللازم عليه، كما يشير إلي بقاء هذا التأثير واستمراره وأنه لابد من خضوع عناصر هذا المجال لأمره.
------------
القـدوس
هذا الاسم لم يرد بمفرده وإنما ورد للإشارة إلي سمة يمكن أن تفصل إليها الحلقة الإلهية: الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ، قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ }الحشر23.
فهذا الاسم من لوازم وتفاصيل اسم من أسماء النسق الأول، فهو بذلك من أسماء النسق الثاني.
هو المقدس في ذاته وفي أسمائه وسماته والمنزه تنزيهاً ذاتياً عن كل مظاهر النقص التي ترتبت علي وجود مخلوقاته، وهو منزه بصفة خاصة عن كل من ظهر بصفة الملك من الذين آتاهم الملك، وهو منزه أيضاً عن كل ما ظهر من الكائنات من نقص أو كمالات، وفي حين أن صفات الملك المخلوق وتصرفاته قد يناقض بعضها البعض للنقص الذاتي الذي في طبيعته، فإن سمات الله تعالى لا تتناقض بل هي منظومة واحدة لأنها مقتضيات نفس الكمال الواحد المطلق.
ولأنه القدوس فكل ما صدر عنه يستمد قدسية منه، فالأمور مقدسة بانتسابها إليه، وهذا الاسم يقتضي من الإنسان تزكية كيانه الظاهر والباطن ليكون أهلاً للتواجد الدائم في الحضرة الإلهية وأهلاً للإحساس والوعي بالمعية الإلهية العامة والخاصة.
وكرمز فإن القاف إشارة إلي علوه المطلق وقوة كيانه اللانهائية المطلقة وترفعه علي كل ما يصفون، والدال إشارة إلي أن ذلك أمر ذاتي له لازم له، وتشديدها يشير إلي أن تمام ظهور ذلك وتفصيله يستلزم كيانات خارجية، والسين إشارة إلي أنه كذلك استوي علي عرش الوجود وسرت عليه أوامره، فهو لم يتغير بذلك عما هو عليه.
------------
القـوي
ذو القوة
هذا الاسم لم يرد بمفرده وإنما ورد للإشارة إلي سمة يمكن أن يفصل إليها المثني ، قال تعالى:
{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ}الأنفال52 * {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ}غافر22
{فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ }هود66 * {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ }الشورى19 * وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }الحج40 * {مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }الحج74 * {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }الحديد25 * {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }المجادلة21 * {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً }الأحزاب25
إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ{58}
فهذا الاسم لم يرد بمفرده وإنما هو من لوازم وتفاصيل المثنى "القوي العزيز" والمثنى "القوي شديد العقاب" والحلقة " الرَّزَّاق ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِين"، فهو بذلك من أسماء النسق الثاني.
إن القوة هي سمة ذاتية تعبر عن حقيقة كنه الله جلَّ جلاله أي حقيقة كيانه وذاته، فهو القوي لمتانة كيانه، وهذه القوة إنما تعبر عن البساطة المطلقة لكيانه بمعنى أن هذا الكيان غير مؤلف من عناصر أولية، وهو لذلك ليس بحاجة إلي عناصر يتعاطاها للحفاظ علي كيانه، أما القدرة فإنما تكون على الأشياء، فالقوة هي السمة الذاتية التي تعنى أنه سبحانه قادر على تحقيق كل ما نتج عن ممارسته لفعل المشيئة من أشياء، فلذاته القوة المطلقة بالنسبة إلى كل الذوات الأخرى، ومن لديه القوة فوق غيره من الكيانات والذوات فله عليهم القهر والغلبة وفرض الإرادة والهيمنة وهو أيضا في منعة من أن يؤثر فيه أحدهم، وكون السمة التي يشير إليها الاسم من تفاصيل المثنى "القوي شديد العقاب" يشير إلى ما ينتظر من استخف بأوامره في الدنيا.
وورود الاسم "ذو القوة" يدحض مزاعم من نفوا السمات عنه أو من صوروه سبحانه كمعنى من المعاني.
وهذا الاسم يقتضي من الإنسان أن يخشى ربه وأن يتحقق بالتقوى.
البـر، الجبار، الرءوف العفو، الغالب، القدوس، القوي.
البـر
هذا الاسم لم يرد بمفرده وإنما ورد للإشارة إلي سمة يمكن أن يفصل إليها المثني البر الرحيم، قال تعالى: {إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ }الطور28.
فهذا الاسم من لوازم وتفاصيل أسماء النسق الأول، فهو بذلك من أسماء النسق الثاني.
هذا الاسم من تجليات الرحمة الخالصة والإنعام الخالص، وأولى الناس به هم المتقون الأبرار الذين وطَّـنوا أنفسهم على الإحساس الدائم بالحضور الإلهي معهم بالأسماء الحسنى؛ فهؤلاء هم الذين يجدون أنفسهم عنده في الدنيا والآخرة، وللقيام بحق هذا الاسم يجب أن يكون الإنسان بارّاً بمعنى أن يتصف بالبر كما بينه القرآن.
وهذا الاسم من أسماء منظومة الرحمة والهدي التي اقتضت كل ما يلزم لصلاح الإنسان من قيم وأوامر وسنن، وسمة البر مقترنة ومرتبطة بالرحمة، والظهور الأكمل لهذا الاسم سيكون للمؤمنين في الجنة.
والرمز (بر) يشير إلي أن منه سبحانه بدأ كل خير وإنعام وود وحنان وانتقل كل كيان خلقي أو أمري من باطن إلي ظاهر، والراء المشددة إشارة إلي تتابع كل ذلك وتكراره، وهو يشير أيضاً إلى أن إليه مرجع ومآب كل من لاذ به من الأبرار.
------------
الجبـار
هذا الاسم لم يرد بمفرده وإنما ورد للإشارة إلي سمة يمكن أن تفصل إليها الحلقة الإلهية: "الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ"، قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ }الحشر23.
فهذا الاسم من لوازم وتفاصيل اسم من أسماء النسق الأول، فهو بذلك من أسماء النسق الثاني.
لما كان هو العزيز الذي له السطوة والهيبة والمنعة كان هو الجبار الذي تنفذ فيهم مشيئته بضرب من القهر والعلو والسيطرة والسطوة، وبذلك ينصلح حالهم ويجبر كسرهم ويداوي نقصهم، ولكنه أيضاً شديد البطش عظيم السطوة هائل القوة، فمن استعصى على الإصلاح بالحسنى قد يأخذه بالشدة ومن لم ينصلح حاله في الدنيا سيداويه بعذاب النار في الآخرة، ولن يفلت ظالم من أخذه الأليم.
ومن حيث الرمز فإن الجيم تشير إلي سمات الجلال والسطوة والاقتدار وتتضمن الإشارة إلي أن تلك السمات هي خير دائم وأن لها البقاء المطلق، أما الباء فتشير إلي مجال عملها من الكيانات والكائنات المدينة لها بكل شيء والخاضعة لها، والراء إشارة إلي تتابع وتكرار ظهور آثار السمات المشار إليها.
وهذا الاسم من الأسماء التي تقتضي من الإنسان أن يتقي ربه وأن يعظم قدره.
------------
الرءوف
هذا الاسم لم يرد بمفرده وإنما ورد للإشارة إلي سمة يمكن أن يفصل إليها المثني الرءوف الرحيم، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }البقرة143 * {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }الحج65 * {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }الحديد9 * {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }النحل7 * {َفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ{45} أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ{46} أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرؤُوفٌ رَّحِيمٌ{47} النحل * {لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }التوبة117 * {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }الحشر10 * {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ }النور20.
فهذا الاسم من لوازم وتفاصيل اسم من أسماء النسق الأول، فهو بذلك من أسماء النسق الثاني.
والرأفة سمة محكمة تتضمن الشفقة والعطف واللطف والرفق والإغضاء، وتلك السمة من السمات التي اقتضت أن تكون العلة الغائية لهذا العالم المادي حفظ وبقاء النوع الإنساني والسماح له بالتطور والرقى إلى كماله المادي والمعنوي والظاهري والباطني، وهذا يعنى أنه إذا انتهت حاجة الإنسان إلى هذا العالم المادي فلا بد من انقضائه وطيه كما تطوى الكتب، وتلك السمة هي من السمات التي اقتضت توافق الإنسان مع بيئته، واقتضت بناء هذا العالم وفق قوانين وسنن تكفل بقاء الإنسان.
وهذا الاسم من أسماء منظومة الرحمة والهدي، ولذلك اتصف بها لوازم ومظاهر تلك المنظومة من المرسلين وكان أكمل من اتصف بها إمام المرسلين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
------------
العفـوّ
قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ }الحج60 * {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ }المجادلة2 * {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً }النساء43 * {فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوّاً غَفُوراً }النساء99
{إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً }النساء149،
فهذا الاسم لم يرد بمفرده وإنما هو من لوازم وتفاصيل المثنى العفو الغفور والمثنى العفو القدير، فهو بذلك من أسماء النسق الثاني.
ويشير هذا الاسم إلي سمة واحدة بها يتجاوز الله تعالى عن ذنب عبده ويمحوه ويزيل ما ترتب عليه من آثار، فلكل ذنب آثاره التي ترتد على فاعله وأخطرها ما يسبب ظلمة ورينا على وجه القلب، ومن علامات جودة استعداد الإنسان أن يتقبل آثار هذا الاسم فينسي ذنبه، ويذهب من نفسه أي تعلق به وألا يتبقَّى من آثاره إلا الدروس المستفادة منه والدفعة التي تلقاها الإنسان للسير قدماً في الطريق القويم.
وهذا الاسم يقتضى من الإنسان أن يتحلَّى بالصفة التي يشير إليها؛ فيعفو ويصفح الصفح الجميل ويتجاوز عمَّن أساء إليه أو أخطأ في حقه، وألا يذكر لهذا الإنسان إساءته طالما اعتذر عنها ولمس منه العزم على عدم تكرارها.
وكون سمة العفو من تفاصيل المثنى العفو القدير إشارة إلى أن العفو إنما يكون عند المقدرة، فلا معنى للعفو إلا عند التمكن والاستطاعة.
------------
الغالـــب
قال تعالى: {وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }يوسف21 * {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }المجادلة21
فهذا الاسم بذلك من أسماء النسق الثاني.
الغالـب هو من له القدرة على إنفاذ ما اقتضته مشيئته وما تعلقت به إرادته وعلى إلزام الآخرين بقوانينه وسننه وإخضاعهم لمشيئته وعلى عقاب المسيئين والقصاص من الظلمة المجرمين، وله كذلك القدرة علي إنفاذ أحكامه وأقضيته علي مخلوقاته، فكل كيان أمري قدره أو اقتضاه أو ترتب علي فعلٍ من أفعاله لابد من تحققه وبلوغه المراد منه.
والرمز يشير إلي غلبته علي كل من تصور أنه يمكن أن يطاوله وإلي أن تلك الغلبة بالغة مداها وواصلة إلي مجالها وسيكون لها أثرها اللازم عليه، كما يشير إلي بقاء هذا التأثير واستمراره وأنه لابد من خضوع عناصر هذا المجال لأمره.
------------
القـدوس
هذا الاسم لم يرد بمفرده وإنما ورد للإشارة إلي سمة يمكن أن تفصل إليها الحلقة الإلهية: الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ، قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ }الحشر23.
فهذا الاسم من لوازم وتفاصيل اسم من أسماء النسق الأول، فهو بذلك من أسماء النسق الثاني.
هو المقدس في ذاته وفي أسمائه وسماته والمنزه تنزيهاً ذاتياً عن كل مظاهر النقص التي ترتبت علي وجود مخلوقاته، وهو منزه بصفة خاصة عن كل من ظهر بصفة الملك من الذين آتاهم الملك، وهو منزه أيضاً عن كل ما ظهر من الكائنات من نقص أو كمالات، وفي حين أن صفات الملك المخلوق وتصرفاته قد يناقض بعضها البعض للنقص الذاتي الذي في طبيعته، فإن سمات الله تعالى لا تتناقض بل هي منظومة واحدة لأنها مقتضيات نفس الكمال الواحد المطلق.
ولأنه القدوس فكل ما صدر عنه يستمد قدسية منه، فالأمور مقدسة بانتسابها إليه، وهذا الاسم يقتضي من الإنسان تزكية كيانه الظاهر والباطن ليكون أهلاً للتواجد الدائم في الحضرة الإلهية وأهلاً للإحساس والوعي بالمعية الإلهية العامة والخاصة.
وكرمز فإن القاف إشارة إلي علوه المطلق وقوة كيانه اللانهائية المطلقة وترفعه علي كل ما يصفون، والدال إشارة إلي أن ذلك أمر ذاتي له لازم له، وتشديدها يشير إلي أن تمام ظهور ذلك وتفصيله يستلزم كيانات خارجية، والسين إشارة إلي أنه كذلك استوي علي عرش الوجود وسرت عليه أوامره، فهو لم يتغير بذلك عما هو عليه.
------------
القـوي
ذو القوة
هذا الاسم لم يرد بمفرده وإنما ورد للإشارة إلي سمة يمكن أن يفصل إليها المثني ، قال تعالى:
{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ}الأنفال52 * {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ}غافر22
{فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ }هود66 * {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ }الشورى19 * وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }الحج40 * {مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }الحج74 * {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }الحديد25 * {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }المجادلة21 * {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً }الأحزاب25
إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ{58}
فهذا الاسم لم يرد بمفرده وإنما هو من لوازم وتفاصيل المثنى "القوي العزيز" والمثنى "القوي شديد العقاب" والحلقة " الرَّزَّاق ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِين"، فهو بذلك من أسماء النسق الثاني.
إن القوة هي سمة ذاتية تعبر عن حقيقة كنه الله جلَّ جلاله أي حقيقة كيانه وذاته، فهو القوي لمتانة كيانه، وهذه القوة إنما تعبر عن البساطة المطلقة لكيانه بمعنى أن هذا الكيان غير مؤلف من عناصر أولية، وهو لذلك ليس بحاجة إلي عناصر يتعاطاها للحفاظ علي كيانه، أما القدرة فإنما تكون على الأشياء، فالقوة هي السمة الذاتية التي تعنى أنه سبحانه قادر على تحقيق كل ما نتج عن ممارسته لفعل المشيئة من أشياء، فلذاته القوة المطلقة بالنسبة إلى كل الذوات الأخرى، ومن لديه القوة فوق غيره من الكيانات والذوات فله عليهم القهر والغلبة وفرض الإرادة والهيمنة وهو أيضا في منعة من أن يؤثر فيه أحدهم، وكون السمة التي يشير إليها الاسم من تفاصيل المثنى "القوي شديد العقاب" يشير إلى ما ينتظر من استخف بأوامره في الدنيا.
وورود الاسم "ذو القوة" يدحض مزاعم من نفوا السمات عنه أو من صوروه سبحانه كمعنى من المعاني.
وهذا الاسم يقتضي من الإنسان أن يخشى ربه وأن يتحقق بالتقوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق