الصـادق
قال تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ }الأنعام146
{قُلْ صَدَقَ اللّهُ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }آل عمران95 * {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ }آل عمران152
{اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً }النساء87 * {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَعْدَ اللّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً }النساء122 * {ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاء وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ}الأنبياء9 * {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً }الأحزاب22 * {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ }الزمر74 * {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً }الفتح27
فهذا الاسم من نسق أسماء الحسنى المفردة.
إن الله تعالى هو الصادق وهو الأصدق حديثا, ذلك لأنه هو الحق، وهو يتحدث عن علم محيط شامل لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه باطل, وهو العليم بعاقبة كل أمر ومآله؛ إذ منه صدر وإليه يعود, فهو المحيط بكل الحلقات الكونية لأنها مقتضيات حلقات إلهية, فالحلقات كلها ماثلة عنده، وهو ليس بحاجة إلى انتظار سريان زمان ليرى تحققها, وهو الصادق لانطباق معلوماته اللاحقة على معلوماته المقدرة السابقة، فلا يمكن أن يحدث ما لم يسبق به علمه وتقديره, وهو الصادق لأنه لا يخشى شيئا فكل ما هو دونه هو عدم بالنسبة إليه وهو القاهر فوق عباده وهو الواحد القهار, وهو صادق الوعد فلابد من تحقق ما وعد به إذ لا يوجد ما يحول بينه وبين ذلك, لذلك فعلى كل إنسان أن يعوِّل على ما قاله ربه وان يثق بصدق وعده, فالمؤمن الذي عمل الصالحات سيدخل الجنة بإذن ربه وستكون درجته فيها على قدر ما آلت إليه صورته الجوهرية أي ملائمة لماهيته النهائية, ولكن يجب على هذا الإنسان أن يعلم أن كل ذلك كان بفضل ربه؛ فهو الذي أوجده وزوَّده بصفات الكمال الممكن ويسر له أسباب العمل, فليس لدى الإنسان من أمر ذاتي إلا نقصه الحقيقي, ومن لم يعلم أن الكمال الذاتي الواجب هو لله وحده ويعمل بمقتضيات علمه فأيُّ قيمة لعمله؟ والعامل الرئيس المعيِّن للصورة الجوهرية هو عقيدة الإنسان في ربه ومدي علمه به وعمقه، وأعظم العوامل من حيث الجدوى أن يعرف الإنسان ربه بأسمائه الحسني، أما الذي يريد أن يمن على ربه بعبادته وعمله ويظن أنه سيكون له بمحض عمله مكانة خاصة عند ربه فسيستدرج به بسبب جهله وسوء ظنه بربه، ولقد كان مثل هذا الظن هو الذي أوقع إبليس في المعصية, ويجب القول بأنه إنما يستدرج بمن أضمر في نفسه ظناً سيئا أو كان على عقيدة غير سليمة أو من تربص بالمؤمنين أو من اغتر بما قدم من طاعات أو عبادات أو بما يمكن أن يظهر عليه من آيات.....الخ, فهؤلاء هم الذين عليهم أن يخشوا شر أنفسهم وألا يأمنوا لها, ذلك لأن الله تعالى لا يستدرج العبد الخالص سليم القلب نقي السريرة الذي عقد العزم على اتباع الحق واجتناب الباطل مع أخذ حذره من أعدي أعدائه أي من نفسه التي بين جنبيه, فالنفس هي التي تدعو الشيطان بنقصها إلى دخول البيت والعبث فيه إذ أنه ليس له من سلطان على العباد.
فالصدق من السمات الذاتية الإلهية، ذلك لأن الله هو الحق، فمن كان هو الحق لا يقول إلا الحق وقوله هو عين الصدق وحديثه هو أصدق الحديث، فصدق القول من مظاهر وتجليات الحسن الإلهي أي الكمال الإلهي المطلق.
ومن لوازم ومظاهر الصدق الإلهي صدق الكتاب الذي أنزله على رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصدق الكتاب إنما يعني بالضرورة صدق كل نبأ أو خبر أورده وحقانية كل سنة ذكرها، وصحة الشكل النحوي وجمال الأسلوب اللغوي لا يعني بالضرورة أن النص صادق، ولكن اجتمع في النص القرآني جمال الأسلوب وروعة التصوير وحقانية النبأ والمعلومة، ولابد لكل من آمن بالقرآن أن يتجلى له صدقه.
ومن لوازم ومظاهر الصدق الإلهي اتساق الكتاب المشهود مع الكتاب المقروء، فلابد من أن يصدق كل منهما الآخر في كل أمر من الأمور المشتركة، ولقد أعلن الله تعالى أنه لم يخلق الإنسان عبثاً ولم يكن لاعباً عندما خلق السماوات والأرض ولم يتخذ لهوا، ولذلك لا يمكن أن يتضمن كتابه عبثاً ولا لهوا ولا لعبا، فلم يذكر من القصص إلا ما يلزم لتحقيق مقاصده الجادة، ولكن المفسرين ظنوا أن ذلك نقص يجب تداركه، فحاولوا استكمال ما ذكره القرآن من قصص واشتروا لهو الحديث من أهل الكتاب وضمنوه كتبهم وفرضوه علي كتاب الله وألزموا الناس بفقهه من خلالها.
والإيمان بأن الله تعالى هو الصادق يقتضى من الإنسان الإيمان بجدوى السعي والعمل وبمصداقية القوانين والسنن وبصدق الوعد، وصدق الوعد يتضمن الجانبين، فلابد لكل عمل من أثر يجده الإنسان في كيانه الجوهري وسيحاسب عليه، وإنما أحدثوا مصطلح الوعيد تحت ضغط المذهب الإرجائي الذي افتعل أصلاً لتبرئة المجرمين المتسلطين من أوزارهم ومن تبعات أعمالهم، ولقد زين لهم الشيطان أعمالهم وظنونهم وألقى في خيالهم أن إله العالمين هو شخص طيب يتقبل بصدر رحب تطاول عبيده وازدرائهم لسننه واستهانتهم به واستخفافهم بأوامره، وأنه سيفاجئ الناس بأن يغفر لأكابر المجرمين والكفار والمشركين والمفسدين في الأرض يوم القيامة، ولقد تصور الضالون من قبلهم أنه نزل من السماء ليتلقى بعض الصفعات والركلات من اليهود وليصلب وليموت على الصليب حتى يفتدي ويخلص الإنسان من آثار خطيئته عندما عصي أوامره؟؟؟؟!!!!
والحق هو أنه لابد لمن اقترف سيئة وأراد النجاة من تبعاتها من أن يبادر بالتوبة والاستغفار، أما من تمادى في المعاصي ليعب من متاع الدنيا عباً ومؤجلاً التوبة إلى آخر لحظة فإنما هو متلاعب ومستدرج به، وسرعان ما سيتراكم الرين على قلبه فيحول بينه وبين التوبة الصادقة المجدية، ومثل هذا لن تنفعه شفاعة الشافعين.
إن رحمة الله إنما تتجلى في مضاعفة الآثار الحسنة للأعمال الصالحة وفي تقليل الآثار السيئة للمعاصي، والرحمة تعمل باتساق مع سائر السمات الإلهية لتحقيق المقاصد الوجودية.
المراجع (كتب المؤلف أ. د. حسني أحمد):
1- الأسماء الحسنى والسبع المثاني، 2002.
2- الأسماء الحسنى في القرآن العظيم (قراءة جديدة)، دار النهار، 2002.
3- الإحصاء العلمي للأسماء الحسني، دار النهار، 2003.
4- المقاصد العظمي في القرآن الكريم، دار الأستاذ، 2004.
5- نظرات جديدة في الحقائق والأصول، 2005.
6- نظرات جديدة في المصطلحات، 2005.
7- نظرات جديدة في الآيات، 2006.
8- من هدي الآيات، 2006.
9- المقصد الديني الأول، 2006.
10- الأسس النظرية لدين الحق، 2006.
11- نظرات إضافية في المصطلحات، 2007.
12- نظرات عامة جديدة، 2007.
قال تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ }الأنعام146
{قُلْ صَدَقَ اللّهُ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }آل عمران95 * {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ }آل عمران152
{اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً }النساء87 * {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَعْدَ اللّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً }النساء122 * {ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاء وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ}الأنبياء9 * {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً }الأحزاب22 * {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ }الزمر74 * {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً }الفتح27
فهذا الاسم من نسق أسماء الحسنى المفردة.
إن الله تعالى هو الصادق وهو الأصدق حديثا, ذلك لأنه هو الحق، وهو يتحدث عن علم محيط شامل لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه باطل, وهو العليم بعاقبة كل أمر ومآله؛ إذ منه صدر وإليه يعود, فهو المحيط بكل الحلقات الكونية لأنها مقتضيات حلقات إلهية, فالحلقات كلها ماثلة عنده، وهو ليس بحاجة إلى انتظار سريان زمان ليرى تحققها, وهو الصادق لانطباق معلوماته اللاحقة على معلوماته المقدرة السابقة، فلا يمكن أن يحدث ما لم يسبق به علمه وتقديره, وهو الصادق لأنه لا يخشى شيئا فكل ما هو دونه هو عدم بالنسبة إليه وهو القاهر فوق عباده وهو الواحد القهار, وهو صادق الوعد فلابد من تحقق ما وعد به إذ لا يوجد ما يحول بينه وبين ذلك, لذلك فعلى كل إنسان أن يعوِّل على ما قاله ربه وان يثق بصدق وعده, فالمؤمن الذي عمل الصالحات سيدخل الجنة بإذن ربه وستكون درجته فيها على قدر ما آلت إليه صورته الجوهرية أي ملائمة لماهيته النهائية, ولكن يجب على هذا الإنسان أن يعلم أن كل ذلك كان بفضل ربه؛ فهو الذي أوجده وزوَّده بصفات الكمال الممكن ويسر له أسباب العمل, فليس لدى الإنسان من أمر ذاتي إلا نقصه الحقيقي, ومن لم يعلم أن الكمال الذاتي الواجب هو لله وحده ويعمل بمقتضيات علمه فأيُّ قيمة لعمله؟ والعامل الرئيس المعيِّن للصورة الجوهرية هو عقيدة الإنسان في ربه ومدي علمه به وعمقه، وأعظم العوامل من حيث الجدوى أن يعرف الإنسان ربه بأسمائه الحسني، أما الذي يريد أن يمن على ربه بعبادته وعمله ويظن أنه سيكون له بمحض عمله مكانة خاصة عند ربه فسيستدرج به بسبب جهله وسوء ظنه بربه، ولقد كان مثل هذا الظن هو الذي أوقع إبليس في المعصية, ويجب القول بأنه إنما يستدرج بمن أضمر في نفسه ظناً سيئا أو كان على عقيدة غير سليمة أو من تربص بالمؤمنين أو من اغتر بما قدم من طاعات أو عبادات أو بما يمكن أن يظهر عليه من آيات.....الخ, فهؤلاء هم الذين عليهم أن يخشوا شر أنفسهم وألا يأمنوا لها, ذلك لأن الله تعالى لا يستدرج العبد الخالص سليم القلب نقي السريرة الذي عقد العزم على اتباع الحق واجتناب الباطل مع أخذ حذره من أعدي أعدائه أي من نفسه التي بين جنبيه, فالنفس هي التي تدعو الشيطان بنقصها إلى دخول البيت والعبث فيه إذ أنه ليس له من سلطان على العباد.
فالصدق من السمات الذاتية الإلهية، ذلك لأن الله هو الحق، فمن كان هو الحق لا يقول إلا الحق وقوله هو عين الصدق وحديثه هو أصدق الحديث، فصدق القول من مظاهر وتجليات الحسن الإلهي أي الكمال الإلهي المطلق.
ومن لوازم ومظاهر الصدق الإلهي صدق الكتاب الذي أنزله على رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصدق الكتاب إنما يعني بالضرورة صدق كل نبأ أو خبر أورده وحقانية كل سنة ذكرها، وصحة الشكل النحوي وجمال الأسلوب اللغوي لا يعني بالضرورة أن النص صادق، ولكن اجتمع في النص القرآني جمال الأسلوب وروعة التصوير وحقانية النبأ والمعلومة، ولابد لكل من آمن بالقرآن أن يتجلى له صدقه.
ومن لوازم ومظاهر الصدق الإلهي اتساق الكتاب المشهود مع الكتاب المقروء، فلابد من أن يصدق كل منهما الآخر في كل أمر من الأمور المشتركة، ولقد أعلن الله تعالى أنه لم يخلق الإنسان عبثاً ولم يكن لاعباً عندما خلق السماوات والأرض ولم يتخذ لهوا، ولذلك لا يمكن أن يتضمن كتابه عبثاً ولا لهوا ولا لعبا، فلم يذكر من القصص إلا ما يلزم لتحقيق مقاصده الجادة، ولكن المفسرين ظنوا أن ذلك نقص يجب تداركه، فحاولوا استكمال ما ذكره القرآن من قصص واشتروا لهو الحديث من أهل الكتاب وضمنوه كتبهم وفرضوه علي كتاب الله وألزموا الناس بفقهه من خلالها.
والإيمان بأن الله تعالى هو الصادق يقتضى من الإنسان الإيمان بجدوى السعي والعمل وبمصداقية القوانين والسنن وبصدق الوعد، وصدق الوعد يتضمن الجانبين، فلابد لكل عمل من أثر يجده الإنسان في كيانه الجوهري وسيحاسب عليه، وإنما أحدثوا مصطلح الوعيد تحت ضغط المذهب الإرجائي الذي افتعل أصلاً لتبرئة المجرمين المتسلطين من أوزارهم ومن تبعات أعمالهم، ولقد زين لهم الشيطان أعمالهم وظنونهم وألقى في خيالهم أن إله العالمين هو شخص طيب يتقبل بصدر رحب تطاول عبيده وازدرائهم لسننه واستهانتهم به واستخفافهم بأوامره، وأنه سيفاجئ الناس بأن يغفر لأكابر المجرمين والكفار والمشركين والمفسدين في الأرض يوم القيامة، ولقد تصور الضالون من قبلهم أنه نزل من السماء ليتلقى بعض الصفعات والركلات من اليهود وليصلب وليموت على الصليب حتى يفتدي ويخلص الإنسان من آثار خطيئته عندما عصي أوامره؟؟؟؟!!!!
والحق هو أنه لابد لمن اقترف سيئة وأراد النجاة من تبعاتها من أن يبادر بالتوبة والاستغفار، أما من تمادى في المعاصي ليعب من متاع الدنيا عباً ومؤجلاً التوبة إلى آخر لحظة فإنما هو متلاعب ومستدرج به، وسرعان ما سيتراكم الرين على قلبه فيحول بينه وبين التوبة الصادقة المجدية، ومثل هذا لن تنفعه شفاعة الشافعين.
إن رحمة الله إنما تتجلى في مضاعفة الآثار الحسنة للأعمال الصالحة وفي تقليل الآثار السيئة للمعاصي، والرحمة تعمل باتساق مع سائر السمات الإلهية لتحقيق المقاصد الوجودية.
المراجع (كتب المؤلف أ. د. حسني أحمد):
1- الأسماء الحسنى والسبع المثاني، 2002.
2- الأسماء الحسنى في القرآن العظيم (قراءة جديدة)، دار النهار، 2002.
3- الإحصاء العلمي للأسماء الحسني، دار النهار، 2003.
4- المقاصد العظمي في القرآن الكريم، دار الأستاذ، 2004.
5- نظرات جديدة في الحقائق والأصول، 2005.
6- نظرات جديدة في المصطلحات، 2005.
7- نظرات جديدة في الآيات، 2006.
8- من هدي الآيات، 2006.
9- المقصد الديني الأول، 2006.
10- الأسس النظرية لدين الحق، 2006.
11- نظرات إضافية في المصطلحات، 2007.
12- نظرات عامة جديدة، 2007.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق